مضى اثنان وسبعون عامًا هجريًّا على وفاة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وما زال عهده راسخًا في ذاكرة الوطن، وسيرته ناطقة بما تملك هذه السيرة من إنجاز تاريخي متجسّد بالنهضة والبناء، والحزم والحكمة، والإنسانية المفطورة بطبعه وبيئته، وقد تسلسل هذا الذكر بأقلام المعاصرين له، حتى ألهمت سيرته مجمع الرحالة والمستشرقين الذين بدورهم جابوا الأوطان ليصلوا إليه ويصفوه بهيئته البهية تلك التي انعكست على جوانبه القيادية وحنكته السياسية، فتطرق بعضهم إلى وصف سياسته، وتناول بعضهم وصف هيئته ومواقفه، وممن وصفوه بأنه ملك سعودي يستمد روحه من تراثه، وملامحه مما حباه الله من حسن الطلعة وبهجة المنظر.
يقول فيه كينيث وليمز:
«ابن سعود رجل طويل القامة، يدل مظهره على مهابة وقوة، طوله ستة أقدام وأربع بوصات، متناسب الأعضاء، قوي العضلات، وجهه طويل بيضاوي جميل، يسهل عليك أن تقرأ فيه سلامة نيته، وصراحته».
وقال عنه د. ستانلي ماليري:
«كان في الواقع شخصية فذة، يملك قامة تزيد على ستة أقدام ووسامة، وفوق ذلك يرتدي ببساطة ثوبًا أبيضَ طويلاً، يلبس فوقه بشتًا بنيًّا مطرزًا بخيوط ذهبية، ويلبس على رأسه الغترة المألوفة والعقال».
حتى انطلق أمين الريحاني واصفًا دهشته التي حللها بعبارات حاكت ما في نفسه وما يحمل من عاطفة تجاه الملك قائلًا:
«كانت المشاهدة الأولى على الرمل، تحت السماء والنجوم، وفي نور النيران المتقدة حولنا، ألفيته (وجدته) رجلًا لا يمتاز ظاهرًا بغير طوله، وكان يلبس ثوبًا أبيض، وعباءة بنية، وعقالاً مقصّبًا فوق كوفية من القطن حمراء، أين أبهة المُلْك وفخفخة السلطة؟! إنك لا تجدها في نجد وسلطانها، وإنّ أول ما يملكك منه ابتسامة هي مغناطيس القلوب».
وتواترت أقلام الرحالة والمستشرقين حتى بلغت مؤلفات ألفت عن الملك عبدالعزيز يستهلونها بوصف له، يذكر جيرالد دي جوري في كتابه وصفًا عميقًا لزي الملك عبدالعزيز وما يعكسه هذا الزي من هيبة:
«كان طوله الهائل بكامله ممشوقًا بكل امتداده الكامل، لأن الوقوف باستعداد يشبه استعداد الجندي لاستقبال الضيوف هو تقليد من تقاليد أمراء العرب، كان هادئًا جدًّا، وكانت عباءته تنزل من كتفيه إلى الأرض في شلال رشيق ذي خط متواصل، كان لباسه بسيطًا لكنه مصنوع بإتقان، ومرتّب بعناية، عباءة خام من مادة رمادية رقيقة من دمشق، تعرف باسم (صدر اليمامة)، وجلابية من شعر الإبل بنية اللون، ومنديلًا يدويًّا ذا مربعات شطرنجية باللونين القرمزي والأبيض، أما عصابة رأسه فكانت من الصوف الأسود مع خيط ذهبي».
وتعمقت أوصاف الملك عبدالعزيز الشكلية والمعنوية وتطرقت إليها مجلات غربية وشرقية وكتب مؤلفة ترصدت لها أقلام الكتاب ليصفوا مجلسه وسياسته ومواقفه وصفاته وعمق إدارته، لتأخذ سيرته العطرة مسارًا عالميًّا خصبًا بالحقائق والمرجعيات