عقدت الجمعية الملكية الآسيوية يوم الخميس 5محرم1446هـ (11يوليو2024م) محاضرتها الشهرية، متناولة مشروعات دارة الملك عبدالعزيز لخدمة تاريخ الجزيرة العربية، وآخر مستجدات مشروع المصادر السريانية لتاريخ وحضارة العرب والجزيرة العربية.
وقبل المحاضرة رحّبت مديرة الجمعية الملكية الآسيوية الدكتورة أليسون أوتا بضيف المحاضرة الدكتور عوض بن عبدالله بن ناحي، أستاذ التاريخ المشارك بجامعة نجران، والمشرف على مشروع الدارة الموسوم بـ "المصادر السريانية لتاريخ وحضارة العرب والجزيرة العربية".
وعبّر الدكتور عوض في بداية المحاضرة عن شكره للجمعية الملكية على إتاحة الفرصة له للتحدث عن هذا المشروع الطموح، مؤكدًا اهتمام الدارة العميق بمصادر تاريخ الجزيرة العربية المُدونة بلغات أخرى غير العربية، إذ تبنّت الدارة منذ عام 2010م إستراتيجية طويلة الأمد عبر مشروعات طموحة لترجمة ما تضمنته هذه المصادر من نصوص تاريخية وتوثيقها ونشرها، فكانت البداية بمشروع المصادر الكلاسيكية لتاريخ الجزيرة العربية الذي نُشر تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبدالله العبدالجبار وحقَّق نجاحًا لافتًا دفع الدارة إلى إطلاق مشروعها الثاني عن المصادر البيزنطية المنتظر اكتماله قريبًا.
وأكد الدكتور عوض أن مشروع المصادر السريانية يأتي استكمالاً لهذين المشروعين وتحقيقًا لإستراتيجية الدارة ضمن سلسلة مشروعاتها الطموحة لخدمة مصادر تاريخ الجزيرة العربية، مؤكدًا إنجاز المرحلة الأولى من المشروع المتمثلة في حصر أكثر من ٧٠ مصدرًا سريانيًّا تضمنت معلومات متنوعة عن تاريخ الجزيرة العربية والعرب منذ القرن الثالث الميلادي الذي شهد بزوغ نجم اللغة السريانية لغة تخاطب وكتابة لعدة مؤلفات مبكرة تضمنت إشارات مهمة ومعلومات قيّمة عن التاريخ الاجتماعي والديني والسياسي والاقتصادي للجزيرة العربية وصولاً إلى القرن السابع الميلادي حين دوّن المؤرخون السريان معلومات مهمة ومبكرة عن ظهور الإسلام ودعوة الرسول ﷺ وجغرافية جزيرة العرب ومرحلة الخلافة والفتوحات الإسلامية وما أعقبها من استقرار وازدهار في الحضارة الإسلامية حتى القرن الثالث عشر الميلادي.
وعن الفكرة الرئيسة للمشروع أوضح الدكتور عوض أن هدف الدارة من خلال هذا المشروع هو توظيف أحدث ما توصلت إليه التقنية الرقمية من خلال إخراج المشروع في قاعدة بيانات رقمية بإمكانات بحثية متنوعة ومتقدمة، توفر للباحثين والمتخصصين مادة علمية موثوقة وبمعايير علمية محددة، مضيفًا أن المرحلة الثانية والخاصة باستخراج النصوص وترجمتها على وشك أن تُستكمل، في حين يجري العمل لاستكمال المرحلة الثالثة المتمثلة في إعداد مقدمة تعريفية لكل مصدر، والتعليق على مضمون النصوص المترجمة.
وشهدت المحاضرة التي حضرها عددٌ من أساتذة الجامعات المتخصصين عدة مداخلات أشادت بإستراتيجية الدارة في استثمار التقنية الرقمية لمصلحة مشاريعها العلمية، وبأهمية المصادر غير العربية ولا سيما السريانية في تسليط الأضواء على جوانب مهمة في تاريخ الجزيرة العربية إبان عشرة قرون. وردًّا على عدة تساؤلات طرحها بعض الحضور أكد الدكتور عوض بن ناحي أنّ هدف المشروع هو ترجمة النصوص التي تتضمن معلومات تاريخية أو جغرافية فقط، واستبعاد ما عدا ذلك، وبخصوص فريق العمل المشرف على المشروع أوضح أنّ هذا المشروع يخضع للإشراف والمتابعة من لجنة علمية تضم عددًا من المتخصصين لمتابعة أعمال المشروع وتدقيقها، وقد جرى استكتاب عددٍ كبير من المتخصصين في مجالات المشروع المتنوعة، كالترجمة والتعليق وكتابة المقدمات التعريفية ونحوها.