في إطار جهودها لتعزيز التواصل الثقافي والعلمي بين المملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية، نظمت دارة الملك عبدالعزيز بالتعاون مع هيئة الأدب والنشر والترجمة ندوة علمية بعنوان (العلاقات السعودية الكورية)، والتي أقيمت في العاصمة الكورية سيول، على هامش معرض سيول الدولي للكتاب 2024، والذي تحل فيه المملكة العربية السعودية ضيف الشرف في المعرض، وذلك في يوم الأربعاء 20 ذي الحجة 1445هـ (26 يونيو 2024م).
وتهدف الندوة التي استقطبت نخبة من الباحثين والأكاديميين من كلا البلدين إلى تسليط الضوء على تاريخ العلاقات الثنائية بين السعودية وكوريا الجنوبية، وتناولت الندوة توثيق الزيارات المتبادلة بين المسؤولين من الجانبين، ونشر المعرفة والثقافة العربية في كوريا الجنوبية، إضافة إلى تشجيع التأليف والترجمة بين اللغتين العربية والكورية.
وقد شهدت الندوة تقديم ورقتين بحثيتين، جاءت الأولى تحت عنوان (الزيارات الملكية لكوريا الجنوبية وآثارها الحضارية والثقافية)، للأستاذ عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل الشيخ، حيث استعرض بدايات العلاقات بين البلدين التي تعود بداياتها إلى عهد الملك سعود -رحمه الله- في عام 1962م، وتوجت بافتتاح سفارة كوريا الجنوبية في مدينة جدة في عام 1973م، كما أشار إلى اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني بين البلدين في عهد الملك فيصل -رحمه الله-، الذي أصدر مرسومًا بالموافقة عليها في عام 1974م، لتسير العلاقات بعد ذلك في نمو مطرد إلى يومنا هذا.
ومن الزيارات الرسمية التي قام بها الملوك من المملكة العربية السعودية إلى جمهورية كوريا الجنوبية، كان أولها زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- إلى كوريا الجنوبية في عام 1998م، والتي كانت أول زيارة يقوم بها مسؤول سعودي لكوريا، وتبع ذلك زيارات أخرى من مسؤولين سعوديين، بما في ذلك زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -رحمه الله- حين كان أميرًا للرياض في عام 1999م، وزيارة ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما كان نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرًا للدفاع والطيران في عام 2000م، وزيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في عام 2022م، والتي كان لها أثر كبير في دعم مسيرة العلاقات بين البلدين، وأسهمت هذه الزيارات بشكل كبير في تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة وكوريا الجنوبية، وشملت مجالات متعددة من التعاون الثقافي والاقتصادي والتعليمي.
وأوضح آل الشيخ الأهمية الحضارية والثقافية لهذه الزيارات، وكيف أنها عززت تبادل الثقافة والمعرفة بين الشعبين السعودي والكوري، كما ألقى الضوء على التعاون الاقتصادي والتجاري بين السعودية وكوريا الجنوبية، متطرقًا إلى المشاريع المشتركة والاستثمارات المتبادلة بين البلدين، والتي ساعدت في تعزيز النمو الاقتصادي وتعميق العلاقات التجارية.
أما الورقة الثانية التي طرحت في الندوة فهي بعنوان (التعاون الثقافي المشترك بين المملكة وكوريا الجنوبية)، ألقاها الأستاذ أحمد بن عثمان التريمي، حيث تناول العلاقات الثقافية بين البلدين، مستعرضا تاريخ العلاقات السعودية الكورية وتطورها على مدار السنوات، موضحًا دور الثقافة والقوة الناعمة في تعزيز العلاقات بين البلدين، بما في ذلك البرامج الثقافية والتعليمية المشتركة، وبرامج التبادل التعليمي الطلابي، والتعاون الأكاديمي بين الجامعات السعودية والكورية، وتأثير ذلك في تعزيز الفهم المتبادل ونقل المعرفة.
كما تطرق التريمي إلى دور الثقافة كوسيلة لتعزيز العلاقات الدولية والتقارب بين الشعوب، وأهميتها في العلاقات الدولية، مشيرًا إلى أن الاتفاقيات الثقافية لها دور كبير في هذا الجانب، لينتقل بعد ذلك إلى رصد معالم التقارب السعودي الكوري، والتي كان من أهم تفاصيلها حلول كوريا ضيف شرف في مهرجان الجنادرية في عام 2012م، وحلول السعودية ضيف شرف في معرض الكتاب في كوريا في عام 2012م، والتعاون في مجالات التعليم والثقافة والرياضة.
الجدير بالذكر أن الندوة تأتي ضمن سلسلة من المبادرات التي تنفذها دارة الملك عبدالعزيز لتعزيز الحضور الثقافي السعودي على الساحة الدولية، وتأكيدًا على التزامها بدعم البحث العلمي وتطوير الدراسات التاريخية والثقافية.