نظمت دارة الملك عبدالعزيز بالتعاون مع هيئة الأدب في يوم الجمعة 15/12/1445هـ (21/6/2024م) في العاصمة الصينية بكين ندوة علمية عن العلاقات السعودية الصينية، والتي هدفت إلى تسليط الضوء على الحراك الثقافي والاقتصادي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، ضمن فعاليات (معرض بكين الدولي للكتاب 2024)، الذي حلت فيه المملكة العربية السعودية ضيف شرف.
تناولت الندوة عدة محاور رئيسية منها الصلات التجارية البحرية بين البلدين وآثارها الحضارية والاقتصادية، دور المكتبات الصينية في الاهتمام بالمخطوطات العربية وآثارها في المحافظة على التراث العربي في الصين، والتراث العربي في الصين.
وشارك في الندوة عدد من المتحدثين البارزين، حيث تحدثت الدكتورة نورة بنت عبد الرحمن اليوسف عن الصلات التجارية البحرية بين البلدين وآثارها الحضارية والاقتصادية، حيث تناولت العلاقة التاريخية والحديثة بين المملكة العربية السعودية والصين، موضحة تطورها عبر العقود، وبدأت بعرض للعلاقة التاريخية بين البلدين، مشيرًا إلى التبادلات الاقتصادية والثقافية القديمة عبر طريق الحرير.
وأوضحت الدكتورة نورة اليوسف أنه مع إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية في 21 يوليو 1990، شهدت العلاقات الاقتصادية تطورًا ملحوظًا، حيث أصبحت السعودية موردًا رئيسيًا للنفط إلى الصين، وفي القرن الواحد والعشرين، تعززت الشراكة الإستراتيجية بين البلدين من خلال العديد من الاتفاقيات الثنائية والتعاون في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار، كما شارك البلدان في مبادرة الحزام والطريق الصينية، التي تهدف إلى تعزيز التجارة العالمية وربط البنية التحتية، حيث تشمل المشاريع المشتركة تطوير الموانئ والسكك الحديدية والمناطق الصناعية، وفي مجال التبادل الثقافي والتعليمي، ساهمت التبادلات الثقافية والبرامج الأكاديمية في تعزيز التفاهم المتبادل بين الشعبين، كما أن رؤية السعودية 2030 تتماشى مع الأهداف الاقتصادية للصين، مما يعزز التعاون في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة وتطوير البنية التحتية.
وألقت د. اليوسف الضوء على تأثير التجارة البحرية، مشيرة إلى أن الموانئ ومسارات التجارة البحرية تلعب دورًا محوريًا في تعزيز العلاقات الاقتصادية، كما أشارت إلى التحديات التي تواجه العلاقة بين البلدين، مثل المخاطر الجيوسياسية والتبعيات الاقتصادية.
وفي ختام محاضرتها عرضت د. اليوسف الفرص المستقبلية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية، وتوسيع السوق، وتحسين الاتصال اللوجستي، مؤكدًا أن العلاقات التجارية البحرية تساهم في الاستقرار والنمو الاقتصادي العالمي.
ثم تناول الدكتور صالح بن حمد الصقري دور المكتبات الصينية في الاهتمام بالمخطوطات العربية حيث استعرض تطور العلاقات الثقافية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية منذ عام 1990، موضحًا عمق الروابط التي شهدت تطورًا كبيرًا في المجالات الثقافية والتعليمية، وفي جميع المجالات التي تهم الطرفين، مشيرًا إلى أن الأهداف السعودية من تطوير تلك العلاقة وتعزيزها تتلخص في إعادة التوازن في العلاقات الدولية باتجاه الشرق، وتعزيز الشراكة الإستراتيجية مع الصين، وتأكيد الدور السعودي في نشر السلام وحوار الحضارات.
الدكتور الصقري أكد على أن العلاقات الحضارية بين العرب والصين شهدت تبادلًا ثقافيًا منذ القدم عبر طريق الحرير، وتوسع في موضوع دور المكتبات الصينية في الحفاظ على المخطوطات العربية، كما تطرق للتعاون الأكاديمي بين البلدين حيث جرى إرسال الطلاب السعوديين إلى الصين على برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، إضافة للتعاون العلمي بين الجامعات السعودية والصينية.
ثم استعرض مسألة اللغة والتبادل التعليمي حيث تم إدخال اللغة الصينية في التعليم السعودي، وفي المقابل تم افتتاح فصل دراسي للغة العربية في المدارس الثانوية الصينية، إضافة إلى المبادرات الثقافية بين البلدين حيث أشار د. الصقري إلى مشاركة الصين كضيف شرف في مهرجان الجنادرية ومعرض الكتاب السعودي، كما سلط الضوء على أهمية العلاقات الثقافية والتعليمية بين المملكة والصين وأثرها المستقبلي على تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين.
ثم ألقى الأستاذ أحمد بن عثمان التريمي محاضرة عن التراث العربي في الصين قدم فيها نظرة شاملة على العلاقات الثقافية والتاريخية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، حيث عرض في بداية محاضرته نبذة عن الصين، ووضعها السياسي والاقتصادي بين دول العالم، ثم تطرق إلى تاريخ العلاقات العربية الصينية، مشيرًا إلى أن تاريخ تلك العلاقات يعود إلى ما قبل الإسلام، مع نشوء طريق الحرير الذي ربط بين الصين والدول العربية، وجرى تبادل العديد من المنتجات الثقافية والتجارية عبر العصور.
ثم انتقل التريمي إلى إسهامات العرب في الصين التي تشمل الطب، والعمارة، والفلك، والفن، والعادات والتقاليد، ليعرج بعد ذلك إلى ما تحتويه المتاحف الصينية من الآثار الإسلامية والعربية، مثل متحف شو شيوان الذي يعرض نماذج للسفن التي استخدمها العرب في رحلاتهم، كما تطرق إلى المساجد التاريخية في الصين مثل مسجد نيوجيه في بكين ومسجد العنقاء في شنغهاي.
وفي ذات السياق أشار التريمي إلى أن الصين أنشأت مكتبات رقمية ومكتبات عامة تحتوي على كتب ومخطوطات عربية، كما يوجد فيها العديد من الجامعات التي تدرس اللغة العربية والتخصصات المتعلقة بها.
الجدير بالذكر أن الندوة شهدت معرضًا مصاحبًا تضمن عرض مجموعة من المخطوطات والصور التي توثق العلاقات الثقافية والتجارية بين البلدين على مر العصور، مما أتاح للحضور فرصة التعرف بشكل أعمق على هذا التراث الغني.