كتيب توثيقي للدارة .. كاد الملك عبدالعزيز أن يزور اليابان عام 1938م

 رابط الكتيّب:

http://darah.org.sa/Twitter_PDF/Japanese_Saudi_Relationships_Handbook.pdf 

 

أصدرت الدارة وتواكبًا مع زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع لليابان كتيبًا يحمل عنوان "العلاقات السعودية اليابانية: جذور تاريخية ورؤية للمستقبل" باللغتين العربية واليابانية حيث يتناول أبرز جوانب تاريخ العلاقات السعودية اليابانية وبداية تأسيسها ومستقبلها.

 

أول زيارة يابانية

وأبرز الكتيب مجموعة من الزيارات الرسمية ونتائجها خلال العقود الماضية التي تصدرتها زيارة رئيس وزراء اليابان ريوتارو هاشيموتو إلى المملكة العربية السعودية عام 1997م، ونتج عنها صياغة مشروع الشراكة الشاملة نحو القرن الحادي والعشرين، وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله-ـ عندما كان وليًّا للعهد إلى اليابان وتوقيع مذكرة التعاون السعودي الياباني مع رئيس الوزراء كييزو أوبوتشي، والمبادرات الثلاث التي أعلنها وزير الخارجية الياباني يوهي كونو عند زيارته للمملكة عام 2001م في مجالات تشجيع الحوار بين الحضارات مع العالم الإسلامي، وتطوير مصادر المياه، والحوار السياسي الواسع المتقدم.

كما رصد الكتيب زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى طوكيو، التي ازدادت فيها هذه العلاقات تطورًا وصلابة، ثم زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى اليابان لصياغة المســـتقبل لهذه العلاقات، وكان لجمعية الصداقة السعودية -اليابانية إسهام في نشر النسخة اليابانية من الكتيب الذي أعده الدكتور فهد بن عبدالله السماري.

 

"عمر" الياباني

 ويعود أول توثيق لزيارة ياباني إلى الجزيرة العربية وفقًا للكتيب إلى ياماوكا كوتارو Kotaro Yamaoka المسلم الياباني الذي سمى نفسه باسـم "عمر" ورحل لأداء فريضة الحج مع حجاج من منغوليا عام 1909م، وقد نشرت تفاصيل رحلته وأدائه الحج عام 1912م في كتاب بعنوان: "judanki Arabiya: shinpikyo no Sekai"، ويعد تاناكا إيبيه Ipei Tanaka الشخصية اليابانية الثانية التي تزور الجزيرة العربية لأداء الحج في عام 1924م، ثم في عام 1933م، ونشر تاناكا تفصيلات رحلته في كتـاب بعنوان "Isramu yuki-Un Haku Junrei" في عام 1925م.

وكان تاناكا أستاذًا محاضرًا في معهد الثقافات الشـرقية، وتحدث كثيرًا عـــن أمله في تقوية العلاقات بيـن اليابان والجزيرة العربية، ونصح مسلمي اليابان ببذل الجهود لدعم العلاقات بين اليابان والمملكة العربية السعودية، ومن تلاميذه وممن رافقه إلى الحج شخصيتان يابانيتان هما: إينوموتو موموتارو، وتاكيشي سوزوكي الذي كان يسمى أيضًا محمد صالح، حيث نشر موموتارو رحلته في عام 1939م بعنوان: يوميات الحج إلى مكة Junreiki Mekka، ونشر سوزوكي رحلته في عام 1943م بعنوان: الحج إلـــى مكـــة Junrei Mekka Seichi، التي نشـرت ترجمته إلى العربية مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في عام 1419هــــ / 1999م، وتضمنت وصفًا للقائه الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة وإعجابه بشخصيته وقوله: إن الملك عبدالعزيـز رجل لا يقهر وإن النصر حليفه حيث مضى، كما تشـير الرحلة إلى أن سـوزوكي عندما وصل إلى مكة في رحلته الثالثة للحج في عام 1938م قابل الملك عبدالعزيز وعندما صافحه انهمرت الدموع من عينيه وأوقفه الملك إلى جانبه وهو يصافح بقية الضيوف تعبيرًا عن تقديره للمسلم القادم من أقاصي آسيا ووفاء لمشاعره التي عبر عنها بالدموع التي غلبته.

 

تاريخ ما قبل المفوضية

وعاد الكتيب إلى أول الاتصالات الرسمية بين المملكة العربية السعودية واليابان عام 1934م حينما كتب معتمد المملكة في مصر فوزان السابق إلى وزارة الخارجية السعودية في 21/8/1934م مرفقًا صورة للمعاهدة اليابانية التي سبق أن قدمها إليه وزير اليابان المفوض في رومانيا والتي سبق أن رفعت للملك عبدالعزيز في 20/7/1927م، وأفاد فوزان السابق في خطابه أنه سيقابل السكرتير الأول للقنصلية اليابانية العامة في الإسكندرية يوم 22 من الشهر نفسه، وأفاد المعتمد السعودي أنه سيفيد وزارة الخارجية السعودية بأسباب الزيارة ومضمون المقابلة.

ورسخ الكتيب ما يدل على اهتمام وزارة الخارجية السعودية بموضوع العلاقات مع اليابان بتوجيه المعتمد السعودي في مصر لمتابعة الموضوع مع الســـكرتير الأول للقنصلية اليابانية في الإسكندرية، لينقل على إثر ذلك موضوع الاتفاقية السعودية اليابانية إلى المفوضية السعودية في لندن وذلك عام 1935م، وأفاد القائم بالأعمال في المفوضية محمـود رياض زاده أنه جرى اتصال بينه وبين السفارة اليابانية في لندن لمتابعة مشروع عقد معاهدة تجارية بين المملكة العربية السعودية واليابان.

وسرد الكتيب مواصلة الحكومة السـعودية اهتمامها بمشروع المعاهدة التجارية وإرسالها نسخة من المشروع القديم للمعاهدة وزودت مدير الشؤون الخارجية فؤاد حمزة بنســـخة منها وطلبت الإفادة بالرأي حيال هذا المشـروع، وفي 30/8/1934م نقل حافظ وهبة المفوض الســـعودي في لندن إلى وزارة الخارجية السعودية رغبة الحكومة اليابانية في توقيع معاهدة صداقة وتجارة مشيرًا إلى أن أساس هذا الموضوع كان منذ ثلاث سنوات عندما التقى أحد أعضاء السفارة اليابانية أحد المسؤولين السعوديين وأفاد برغبة الملك عبدالعزيز في عقد اتفاقية صداقة وتجارة.

 

 

أول دعوة رسمية يابانية

ووثق الكتيب نشاط العلاقة السعودية اليابانية في عام 1934م، والتي من مظاهرها الإعلان عن عزم بعثة يابانية زيارة المملكة لاختيار شبان سعوديين لتعليمهم وتدريبهم في اليابان، ووجدت اليابان في عام 1938م أن الفرصة مهيأة لمعـاودة الاتصالات مع المملكة العربية السعودية لتأسيس علاقات دبلوماسية، فقدمت دعوةً للملك عبدالعزيـز لحضور افتتاح المركز الإسلامي في طوكيو الذي بناه المسلمون اليابانيون، تعبيرًا عن تقدير اليابان لدعم المملكة ومساندتها للمسلمين في اليابان ولكون المملكة تحتضـن مكة المكرمـة قبلة المسلمين، وفوض الملك عبدالعزيز نيابة عنه سفيره في بريطانيا السـيد حافظ وهبة للمشاركة في هذه المناسبة وعبر عن تقدير المملكة لليابان لاهتمامها بالمسلمين.

 

 

 لقاء تاريخي قبل 80 عاما

وخصص الكتيب حيزًا لبدء التعاون الاقتصادي بين المملكة واليابان، وإرسال الحكومة اليابانية الوزير المفوض الياباني في القاهرة ماسا يوكي يوكوياما Yokoyama Masayuki إلى الرياض في شهر مارس 1939م على رأس وفد ضم إيجيرو ناكانو، والتقى الملك عبدالعزيز وعرض على الحكومة السعودية العمل لتنفيذ مسودة الاتفاقية الاقتصادية، وبعد نقاش جرى بينه وبين مستشاري الملك عبدالعزيز تم الاتفاق على تعديل المسودة السابقة لمعاهدة الصداقة والتجارة لتنص على شراء اليابان حصة محدودة من الصادرات السعودية، حيث تشير الوثائق المتعلقة بمباحثات الوزير الياباني المفوض مع وزارة الخارجية السعودية إلى أن المملكة العربية السعودية أرادت تضمين الاتفاقية الاقتصادية بين البلدين شراء اليابان كميات من التمور التي تنتج في الأحساء، وأن تتولى الحكومة اليابانية تشجيع رعاياها من المسلمين على تأدية فريضة الحج، وتشـير الوثائق إلى أن من أهداف زيارة الوزير الياباني المفوض للرياض إقناع الملك عبدالعزيز بالسـماح بفتح مفوضية يابانية في جدة لتقوية العلاقات السعودية اليابانية وتسهيل وصول الحجاج اليابانيين، وتعد هذه أول زيارة رسمية يجريها مسؤولون في الخارجية اليابانية إلى المملكة.

 

موقف الملك فهد المشرّف

ووثق الكتيب أهمية هذه الرحلة كوثيقة تاريخية مهمة، حيث تولت دارة الملك عبدالعزيز ترجمتها إلى اللغة العربية بعنـوان "الرحلة اليابانية إلى الجزيرة العربية" في عام 1999م توثيقًا للعلاقات السعودية اليابانية من جهة، ودفعًا للباحثين إلى مزيد من المعرفة عن تاريخ العلاقات السعودية اليابانية من جهة أخرى، فلم ينسَ التاريخ موقف للملك فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله- عندما شـارك في مراسم تتويج الملكة إليزابيث الثانية في لندن في عام 1953م نيابة عن والده الملك عبدالعزيز، حيث وَجد أن ولي عهد اليابان أكيهيتو جاء بعده في ترتيب الجلوس وفق بروتوكول القصر الملكي الإنجليزي، ثم سمَح بتقديمه ليسبقه في الترتيب بناء على مكانته وليًّا للعهد، وحفظت الإمبراطورية اليابانية هذا الموقف وقررت تقديرًا لذلك أن تكون المملكة العربية السعودية البلد الأول الذي يزوره ولي العهد الياباني وأن يصبح ذلك تقليـــدًا دائمًا لكل ولاة العهود في اليابان.

 

أول مفوضتين

ووقف الكتيب على بداية العلاقات الدبلوماسية السعودية - اليابانية بشكل رسمي وذلك في عام 1957م حينما عين أول وزير ياباني مفوض في المملكة العربية السعودية توســـيدا يوتاكا الذي باشر عمله في 4 يناير 1957م، ومع أنه كان وزيرًا مفوضًا لم يختص بالمملكة بل بمصر وسوريا والحبشة أيضًا فإن هذه البداية خطت بالعلاقات السعودية اليابانية خطوات متقدمة وفاعلة في تطوير العلاقات السعودية اليابانية، وكان من الطبيعي أن تبادر المملكة العربية السعودية إلى إنشاء مفوضية سعودية في اليابان كعرف دبلوماسي، وخطت خطوات أبعد من ذلك حينما افتتحت في العام نفسه - أي عام 1957م - ســـفارة لهـــا في اليابان، وتعيين أســـعد الفقيه سفيرًا فوق العادة ومفوضًا سعوديًّا لدى اليابان، وتأكيدًا للعلاقة السعودية اليابانية وتطورها رفعت المفوضية اليابانية في المملكة إلى سفارة، وعينت اليابان سفيرًا لها في المملكة وذلك عام 1958م.

 

العلاقات الاقتصادية

وأكد الكتيب على التطور في العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية حيث أصبحت المملكـــة العربية السعودية سوقًا رئيسة للمنتجات اليابانية، وهو ما أدى إلى ازدياد النشاط التجاري والاقتصادي بين البلدين، ونتيجة لهذا التطور في العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية كان من الطبيعي إنجاز مشروع اتفاقية بين المملكة واليابان تمثل حجم هذه العلاقات ومدى تطور الاقتصاد الياباني والنشاط التجاري السـعودي، فجاءت اتفاقية التعاون الاقتصادي الفني اليابانية السعودية التي وافق عليها الملك فيصل - رحمه الله- في مرسوم خاص بهذه الاتفاقية رقم م/6 في 8/3/1394هـ.

وعرج كتيب "العلاقات السعودية اليابانية: جذور تاريخية ورؤية للمستقبل" على تأسيس شركة الزيت العربية المحدودة التي عملت في المملكة قرابة خمسين عامًا كإحدى المحطات التاريخية في العلاقات السعودية – اليابانية، وتعود قصة هذه الشركة إلى ياماشـــيتا تـــارو Taro     Yamashita الذي أسس في عام 1956م مع مجموعة من رجال الأعمال اليابانيين شـــركة البترول التجارية اليابانية Ltd Company Trading Japan The بغرض استيراد الزيت الخام وإعادة تصدير منتجاته، وتوجه إلى المملكة في عام 1957م للمشاركة في إحدى الفـرص المتعلقة بالتنقيـب عن الزيت في المنطقة الســـعودية - الكويتية المقســـومة بعد مفاوضات متواصلة منحت شركة ياماشـــيتا امتياز التنقيب عن الزيت في تلك المنطقة وفق اتفاق في آخر عام 1957م، وجرى تأسيس شركة الزيت العربية المحدودة Limited Company Oil Arabian The، وفي عام 1960م وبعد اكتشاف المزيد من الزيت قررت الشركة أن يكون مقرها مدينة الخفجي.

 

تبادل الزيارات 60 عاما

وذكر الكتيب الزيارات الرسمية بين الجانبين والتي تعـزز التعاون المشترك من جهة، وتسهم في اســـتمرار العلاقات وتقويتها من جهة أخرى بين الوزراء والمسؤولين في البلدين، وهو ما عزز التفاهم المشترك وأكد الرغبة في التعاون وتأسيس علاقات متينة على أساس المصالح المتبادلة، ومنها: زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع لليابان عام 1960م، وزيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز لليابان عام 1971م، وزيارة ولي العهد الياباني الأمير أكيهيتو Akihito للمملكة عام 1981م، وزيارة توشيكي كايفو Kaifu Toshiki رئيس الوزراء الياباني للمملكة عام 1990م، وزيارة ولي العهد الياباني الأمير ناروهيتو وزوجته الأميرة ميشيكو للرياض عام 1994م، وزيارة توميشي ميوراياما رئيس الوزراء الياباني للمملكة عام 1995م، وزيارة روتارو هاشميتو رئيس الوزراء الياباني للمملكة عام 1997م، وزيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما كان أميرًا لمنطقة الرياض لليابان عام 1998م، وزيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان وليًّا للعهد إلى اليابان في العام نفسه، وزيارة رئيس الوزراء الياباني ريوتارو هاشيموتو عام 2003م، وزيارة ولي العهد ناروهيتو ورئيس الوزراء الياباني السابق ريوتارو هاشيموتو للمملكة عام 2005م، وزيارة الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران لليابان عام 2006م، وزيارة شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني للمملكة عام 2007م، وزيارة ولي العهد ناروهيتو ورئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما للمملكة عام 2011م، وزيارة شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني للمملكة عام 2013م، وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز اليابان عندما كان وليًّا للعهد عام 2014م، وزيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد لليابان عام 2016م، وزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لليابان عام 2017م.

واشتمل الكتيب على مجالات التعاون بين البلدين والتي شملت توطين الاستثمارات السعودية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في المملكة وخاصة في المجالات ذات التقنية العالمية والمشـــروعات الصناعية التي تؤدي إلى الاكتفاء الذاتي وإيجاد فرص توظيف جيدة للكفاءات السعودية وما توفره تلك المشروعات من تحقيق الاحتياجات في المرافق الأساسية والاستثمار بما يؤدي إلى مزيد من التنمية الاقتصادية الوطنية، فقد حظيت اليابان بنصيب كبير من هذه الفرص الاستثمارية فتم الاتفاق بين هيئة المساحة الجيولوجية السعودية والوكالة اليابانية للتعاون الدولي "جايكا" على التنقيب عن معادن الأساس في منطقة أم الدمار قرب منجم مهد الذهب.

 

التعاون السياحي

في حين رصد الكتيب منْح المملكة العربية السعودية الترخيص لشركة سوميتو مو كوربوريشن اليابانية للاستثمار لإنشاء مشروع لتحلية المياه وتوليد الطاقة بمدينة الجبيل الصناعية، كما بدأ التعاون في مجال السياحة حيث وصلت في عام 2001م أول قافلة من السياح اليابانيين إلى المملكة وعددهم 355 سائحًا أتيحت لهم فرصة زيارة عدد من المعالم السـياحية والآثارية في المملكة، لافتًا إلى ما تحظى به الفروسية من ارتباط بالثقافة السعودية واليابانية حيث كان لهذا النشاط دور في توثيق العلاقات السعودية اليابانية، فقد كان أول سباق على كأس الملك عبدالله بن عبدالعزيز في طوكيو عام 1999م بمناسبة مرور 40 عامًا على تأسيس العلاقات السعودية اليابانية، وأصبح هذا السباق منذ ذلك الحين من أبرز المناسبات التي تقام سنويًّا في اليابان تحت اسم سباق الواحات، وعدت هذه الكأس رسالة صداقة من المملكة العربية السعودية إلى الحكومة اليابانية والشعب الياباني.

 

 التضافر العلمي والثقافي

ورصد الكتيب التوثيقي إنشاء جامعة الملك سعود قسمًا لدراسة اللغة اليابانية بكلية الآداب، تخرج منه عدد من الطالب السعوديين الذين حصلوا على دورات لإثراء قدرتهـم على التخاطب باللغة اليابانية، أتيح لهم الحصول عليها في اليابان، كما أقيم عدد من المعارض في البلدين وكثير من الندوات واللقاءات الثقافية مثل: الندوة التي نظمها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض بالتعاون مع سفارة اليابان في المملكة في شهر سبتمبر2003م عن العلاقات السعودية اليابانية، وصاحب هذه الندوة معرض للعلاقات السعودية اليابانية.

وتطرق الكتيب إلى أن مناشط العلاقات السعودية اليابانية لم تقتصر على الجوانب الاقتصادية والتجارية والاجتماعية، بل تجاوزتها إلى الجوانب الثقافية فكانت زيارة أوائل الطلاب المتفوقين والموهوبين اليابانيين إلى المملكة العربية السعودية، وعددهـــم 11 طالبًا حيث وجهت لهم دعوة رسمية لزيارة المملكة للاطلاع على ملامح النهضة الحضارية، كما احتضن المتحف الوطني في طوكيو معرض "روائع آثار المملكة العربية السعودية" الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في عام 2018م وحظي بإقبالٍ كبير من الزوار اليابانيين، إضافة إلى مشروع البحث والتطوير السعودي الياباني الذي نظمته مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لتبادل المعلومات بين الجهات العلمية والفنية اليابانية والسعودية.

 

دعم مسلمي اليابان

ووثق الكتيب ما تم في المجال الإسلامي ضمن منظومة العلاقات السعودية اليابانية ومن أبرز الجهود السعودية في هذا المجال إنشاء المعهد العربي الإسلامي التابـــع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي بدأ نشاطه عام 1982م ثم أعيد بناؤه ليكون مركز إشعاعٍ حضاري وثقافي، إضافة إلى ما تقوم به المملكة من ترجمة لمعاني القرآن الكريم وتوزيعها على مسلمي اليابان، وكذلك دعم جهود المسلمين في اليابان ودعم المركز الإسلامي وجمعية مسلمي اليابان لما لهذه المراكز من أنشطة إسلامية  متميزة، إلى جانب عقد عدد من المؤتمرات الإسلامية والندوات مثل: الندوة الدولية التي نظمتها الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي بعنوان " العلاقات اليابانية الإسلامية في قرن" والتي عقدت في طوكيو في 29/5/2000م، وهدفـت إلى التعرف على أحوال المسلمين في اليابان والوقوف على المشكلات التي تعترض الجالية والأقلية المسلمة في اليابان، والعمل لإيجاد الحلول المناسبة لها والعمل لتحقيق فهم أفضل للإسلام والعلاقات بين المسلمين وغيرهم من أتباع الأديان الأخرى، كما عقدت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ندوة عن الحوار الإسلامي الياباني في عام 2004م شارك فيها متخصصون من المملكة واليابان.

 

 الرؤية السعودية اليابانية

وفيما يخص الرؤية السعودية اليابانية 2030 سلط الكتيب الضوء على مبادرات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في تعزيز العلاقة مع اليابان من خلال تعاون مشترك حيوي ينطلق من رؤية المملكة 2030، وكان الإعلان عن الرؤية السعودية اليابانية 2030 ضمن برنامج متكامل وشامل لجميع مجالات التعاون بين البلدين، حيث أسس لهذه الرؤية أثناء زيارة سمو الأمير محمد بن سلمان لليابان عام 2016م من خلال لقاءات سموه مع رئيس الوزراء الياباني وولي العهد الياباني وإمبراطور اليابان والوزراء المعنيين ورجال الأعمال اليابانيين، ويقوم هذا البرنامج الطموح على أسس تبادل المنافع بين البلدين من خلال مشروعات محددة وتأسيس مجموعة مشتركة بين البلدين لمتابعة تحقيق هذه الرؤية المشتركة، وفي عام 2017م وأثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله- لليابان جرى توقيع المذكرة الرسمية لهذه الرؤية المشتركة وفقًا لما أقره مجلس الوزراء السعودي في 7 مايو 2017م.

 

تشابه "أبينومبكس" و "2030"

وألمح الكتيب لما تمثله رؤية المملكة 2030 من استراتيجية جديدة للنمو والتنمية في المملكة العربية السعودية تعمل لتعزيـز قدرات المملكة والاستفادة منها من خلال عـدد من المبادرات على مستوى القطاعات الاقتصادية وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد السعودي، وإطلاق العنان لقوتها الكامنة لتطوير اقتصاد متنوع ومستدام، وتأكيد دور المملكة في العالمين العربي والإسلامي والاستفادة من قدرتها الاستثمارية لإنشاء اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة، والاستفادة كذلك من موقعها الجغرافي الاستراتيجي لتكون المحرك الرئيس للتجارة الدولية من خلال ربط القارات الثلاث، وعلى هذا النحو تهدف الرؤية إلى تحقيق ثلاثة محاور رئيسة هي "مجتمع حيوي"، و"اقتصاد مزدهر"، و"وطن طموح".

كما ألمح الكتيب في المقابل لاستراتيجية النمو اليابانية، حيث شرعت حكومة اليابان في عام 2013 في تنفيذ مجموعة من السياسات الاقتصادية الشاملة تحت اســـم "أبينوميكـــس" بغرض إنعاش الاقتصاد الياباني بشكل مستدام مع الحفاظ على الانضباط المالي، وتمحور البرنامج على ثلاثة من سهام السياسات: "سياسة نقدية قوية"، و"سياسة مالية مرنة"، و"استراتيجية نمو اقتصادي"، ومن تلك الإصلاحات الهيكلية لتعزيز النمو الاقتصادي وضعت اليابان في عام 2016م ثلاثة متطلبات لتحقيق النمو الطموح، بعد أن بلغت استراتيجية "أبينوميكـــس" سقف طموحها في مرحلتها الثانية مستهدفة ناتجًا محليًّا إجماليًا يقدر بنحو 600 تريليون ين ياباني في السنة، وهذه المتطلبات هي: التوسع الاستراتيجي في أسواق واعدة إضافية، وتعزيز إنتاجية الموظفين للتغلب على القيود التنظيمية ونقص القوى العاملة بسبب انخفاض عدد السكان، وتعزيز قدرات الأفراد لتسهيل عملية التحول في الهيكل الصناعي.

 

 

تحميل نسخة الكترونية من الكتاب