‏" الدارة " تستقرئ رحلة الظاهر بيبرس للحج .. وتتناول المساجد ‏الطينية في الدرعية

أصدرت الدارة  العددين الثالث والرابع من مجلتها المحكمة " الدارة "  من السنة الثالثة والأربعين من عمر المجلة،وشمل العددان عدد من الموضوعات والدراسات والبحوث والرحلات المتعلقة بالتاريخ الوطني وتاريخ الجزيرة العربية وتاريخ العرب والمسلمين .


80مصطلحا إدارياً

احتوى العدد الثالث موضوعات ثلاث أولها : " التشكيلات السكانية في العربية والتقسيمات الإدارية للبلاد العربية بين الدلالة المعرفية التاريخية والمعاصرة " للدكتور ياسر عبدالله سرحان تناول من خلاله التطور الحادث في مراحل تكوين مصطلحات التقسيمات الإدارية العربية والتشكيلات الحضارية ، وطريقة نشوء المصطلحات عفوياً في تعبير صادق عن طبيعة البيئة وظروفها الاجتماعية أو التاريخية السياسية سواء تم ذلك بما لديها من اكتفاء ذاتي في المخزون الاصطلاحي أم في تأثرها بأمم أخرى او حضارة مغايرة ، وقدم الباحث حوالي (80 ) مصطلحا معرّفا بها وبأصلها الحضاري واللغوي مثل : الإمارة ، البادية ، المعتمدية، البندر ، الإقليم ، المخلاف ، العاصمة ، الصّعيد، الدولة ، الديرة ، الرستاق، النيّابة ، المديرية. 

رحلة حج سرية
 وفي المبحث الثاني من العدد تطرق الدكتور فارس بن صالح الذكرى إلى "رحلة السلطان الظاهر بيبرس إلى الحج (667هـ /1269م ) " في دراسة تحليلية لخطورتها السياسية على سقوط ملكه ، لدرجة انه أحاطها بكثير من السرية واستعد لها بعشرة أشهر واستغرقت ذهابا وإيابا وإقامة في مكة أربعة وخمسين يوما ، وأبان البحث الحالة السياسية العامة وما مرت به من ظروف حرجة في تلك الفترة الزمنية من حكم الدولة المملوكية ، وما حظي به الحرمان الشريفان من خدمة وتطوير من قبل السلطان الظاهر بيبرس .
 ونشر العدد  للدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الشقير دراسة عن أزمة الفكر والمنهج وأخلاقيات البحث في العلوم الاجتماعية من خلال مراجعة نقدية للباحث لكتاب "خط الكفاية في المملكة العربية السعودية" الذي أعده الدكتور سامي الدامغ وتطرق البحث بالنقد والمراجعة العلمية لاتجاه الدراسات الاجتماعية في المملكة خصوصا والدراسات العربية عموما، كما وصّف ونقد الإشكاليات الحاصلة في الفكر الاجتماعي والمنهجية وفي أساليب البحث .

20 توصية
ففي العدد الرابع تصدر موضوع " المساجد الطينية بمدينة الدرعية ـ" حيث قام الدكتور منصور بن عبدالعزيز الجديد بدراسة مسحية توثيقية لكل مساجد الدرعية الطينية التراثية استعان فيها بالأدبيات المتعلقة بهذا الموضوع على قلّتها والتتبع الميداني  والتصوير الفوتوغرافي ومقابلة كبار السن في محافظة الدرعية، وأظهر البحث المجدول أن عدد المساجد الموجودة في العاصمة السعودية الأولى إلى ما قبل أربعين عاما يبلع سبعة وعشرين مسجدا توزعت بين المزارع والأحياء ، منها ثلاثة مساجد لا تزال مهدمة منذ حملة إبراهيم باشا ( 1233 هـ /1818م ) على رأسها جامع محمد بن سعود ، ويوجد 14 مسجدا أعيد بنائها بمواد البناء الحديثة قبل 40 عاما لكن دون ضبط ومحافظة على العناصر التراثية بشكل جيد ، وعشرة مساجد طينية كاملة البناء إلا أنها مهملة بالرغم من قيمتها التراثية ـــ حسب د. الجديد ــــ ، كما قدّم البحث وصفا عاما للفراغات الوظيفية والعناصر المعمارية والزخرفية لتلك المساجد ، وأرجع الباحث إلى تردي حالة أغلب تلك المساجد إلى أسباب بيئية وبيولوجية وفيزيوكيميائية ( مثل التمدد والانكماش في مادة الطين نتيجة التفاوت الكبير في درجات الحرارة ، والخاصية الشعرية ) بعد أن قدّم وصفا عاما لحالتها العمرانية  ، وقدم الباحث عشرين توصية تنظيمية ومعمارية للمحافظة على تلك المساجد التي لا زالت تعاني من قلة الاهتمام المؤسساتي العلمي وعمليات الترميم المتمكنة عمرانيا ومعرفة بالمدلول التراثي .

كما نشر العدد بحثا عن " التعدين والصناعات المعدنية في الجزيرة العربية قبل الإسلام " للدكتور محمد أبو الفتوح غنيم تناول فيه أهمية التعدين وصناعاته في الحالة الاقتصادية في الجزيرة العربية ، وعدّدّ عبر خريطة نشرها أهم مراكز التعدين في منطقة وزمن الدارسة ومنها عُمان ونجران وتبوك  ومدين واليمامة والفاو والحجاز ومأرب  ، كما وصف الصناعات المعدنية مثل الحلي والأسلحة والاواني المنزلية والعملات ، وذكر أن البحث أن أهم المعادن الموجودة آنذاك هي : الذهب الذي يوجد له 165 منجماً لا زالت آثارها باقية حتى الآن في أنحاء الجزيرة العربية ، والبرونز ، والفضة والنحاس ، والحديد ، والرصاص ، وشرح البحث الطرق الأولى في تلك العصور لاستخلاص هذه المعادن من خاماتها  وتنقيتها من الشوائب .


مراتب الوثيقة
 وشمل العدد دراسة للباحث الأستاذ سعد بن محمد آل عبداللطيف بعنوان " الوثائق في المكتبات الخطية" قدم خلالها تعريفا بالفرق بين الوثيقة والمخطوط في التعريف والموضوعات ، كما تطرق إلى مراتب التوثيق في الوثيقة ، وأماكن حفظ الوثائق والمخطوطات مثل السحارة والمزودة وروزنات البيت والمسجد والبقشة وأماكن أخرى تختص بها الوثائق ، كما تعرض لمكتبة الشيخ أحمد بن عبدالعزيز بن إبراهيم السلمان  من بلدة جلاجل ( ت 1405هـ ) حيث  ترعرع فيها مع بداية القرن الرابع عشر الهجري ، ومحتويات المكتبة من المخطوطات (120) مخطوطا والوثائق ( 647) وثيقة ، كما استعرض الباحث بالنص عددا من وثائق تلك المكتبة التراثية المهمة منها رسائل صادرة للملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ لعدد من أمراء البلدان والمشايخ والأهالي .
وأًختتم العدد ببحث للأستاذ الدكتور أحمد قاسم حواش من قسم التاريخ بجامعة مولاي سليمان بالمغرب عن دور "فاس " في التواصل الحضاري بين المغرب والمشرق ، استجلى فيه عمق ووسائل علاقات مدينة فاس حاضرة المغرب الأولى مع كل من القاهرة في مصر ومكة المكرمة والمدينة المنورة في الحجاز ، وأعاد هذه العلاقات الثلاث إلى أربعة مستويات هي : تواصل ديني من خلال  أداء المغاربة لفريضة الحج وما عرف ب ( ركب الحاج المغربي ) الذي تأسس عام631 هـ /1233م  ووصف تفاصيل في تكوين هذا الركب ، وتواصل اقتصادي واجتماعي من خلال الجالية المغربية الموجودة في القاهرة  التي يعود ظهورها إلى عهد الفاطميين ، وتواصل علمي من خلال العلاقة العلمية الوثيقة بين جامع القرويين بفاس وجامع الأزهر بالقاهرة التي عززها رواق المغاربة في الجامع ، وتواصل سياسي ظهر جليا في مشاركة المغاربة المقيمين بمصر في محاولة صد حملة نابليون الفرنسية عام 1213ه / 1798م  على مصر ، كماشارك المغاربة أشقاءهم المصريين في ثورة عام 1214ه/1800 م ضد الاحتلال الفرنسي .