أبحاث إثرائية ذات طابع متميز وفريد في آخر أعداد مجلة الدارة

أصدرت مجلة الدارة العلمية المحكمة الصادرة من دارة الملك عبدالعزيز عددها الرابع من السنة (48) لشهر أكتوبر 2022م، مشتملًا على أربعة بحوث علمية متميزة في العنوان والطرح والاستنتاج، وتنوعت في موضوعاتها بين الجوانب التاريخية والتجارية والأدبية، وذلك لتحقيق أعلى مستوى إثرائي مفيد ومتنوع.وبدأ العدد ببحث عنوانه (السياسات الخارجية السعودية عبر ثلاث قرون: بحث عن أنماط ثابتة)، للأستاذ الدكتور صالح بن محمد الخثلان من قسم العلوم السياسة بكلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الملك سعود، حيث سبر أغوار السياسة الخارجية السعودية منذ بدايات احتكاكها بالدول الخارجية في القرن الثامن عشر الميلادي، من أجل تحديد مدى التغيرات التي شهدتها، ومعرفة إن كان هناك أنماط مستقرة تميزها، بالرغم من تغير السياسات الداخلية والخارجية واختلاف التحديات، كما استعرض أهداف السياسة الخارجية السعودية ومحدداتها، وأبرز ما كتب عنها لمعرفة ما انتهت إليه من استنتاجات، مع التركيز في قراءة السياسة الخارجية السعودية في المدة التي تلت توحيد المملكة لكونها أطول المدد وأكثرها تشعبًا ونضوجًا.

اما البحث الثاني فجاء بعنوان (إسهام تجار القصيم في تجارة القهوة عبر الخليج العربي 1369-1287هـ / 1870-1950م)، وهو من إعداد الدكتور منصور بن سليمان الشريدة من قسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة الملك سعود، حيث تتبع في بحثه تجارة حبوب القهوة منذ بدء انتشارها في وسط الجزيرة العربية، ولا سيما نشاط فئتين من تجار القصيم، أولها الذين هاجروا إلى بلدان الخليج العربي والعراق أو غيرها ومارسوا تجارة المواد الغذائية ومنها القهوة، وكونوا ثروات وأنشأوا شبكات تجارية كبيرة في الحجاز وسواحل الخليج والعراق والهند، أما الفئة الثانية فهم أولئك التجار الذين كانوا ينتقلون من القصيم إلى موانئ الخليج العربي لشراء المواد الغذائية وتصديرها، ويركز البحث على العلاقة القوية بين هؤلاء التجار، وكيف كان لتجارتهم إسهام في الربط بين وسط الجزيرة العربية والعالم.

والبحث الثالث جاء بعنوان (رؤية عبدالله باشا السعدون لأزمة الإدارة في الأحساء قبل دخولها تحت حكم الملك عبدالعزيز: دراسة لوثيقة تاريخية)، كتبه الدكتور دايل بن علي الخالدي من قسم الدراسات الاجتماعية بكلية الآداب في جامعة الملك فيصل، وهو دراسة لوثيقة تاريخية محلية مكتوبة باللغة العثمانية ومذيلة بتوقيع وختم عبدالله السعدون شيخ السيايب وحاكم مدينة المبرز في زمن الاحتلال العثماني للأحساء، وهي رسالة محفوظة في الأرشيف العثماني بعث بمضمونها الشيخ عبدالله السعدون للسلطان العثماني عبدالحميد الثاني بتاريخ 3/5/1325هـ، يشكو من سوء الإدارة العثمانية في متصرفية الأحساء، ويقدم مقترحاته ورؤيته الشاملة لإصلاح الإدارة التي ظهر خللها في تعامل أغلب المتصرفين الذين تولوا الأحساء، ونتج عن سوء إدارتهم الكثير من الاضطرابات والفتن بين رؤساء القبائل والعشائر، واحتدم الصراع بين الأمراء والعسكريين، وانتشرت الفوضى والعصيان والتمرد بين أبناء المنطقة.

ويختتم العدد بالبحث الأخير للدكتور خليف بن صغير الشمري من قسم العلوم الاجتماعية بكلية الآداب والفنون في جامعة حائل، تحت عنوان (الدور الحربي للمرأة البدوية في الجزيرة العربية في القرنين التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين الميلادي: العُطَفة والعماريَّة أنموذجًا)، حيث تناول أحد الأدوار المهمة في تاريخ المرأة الحربي في الجزيرة العربية، وعني البحث بالتعريف اللغوي والتاريخي لـ (العُطفة) و(العامريّة)، والفرق بينهما، وتحديد الشروط والمواصفات الواجب توفرها عند اختيار الفتاة الراكبة لتصبح عطفة الحرب أو عماريّة، ورصدت الدراسة أسماء أهم العماريات المشاركات في الحروب القبيلية، واستعرضت الواجبات الموكلة لها، وتتبع الدكتور الشمري في بحثه المراحل التاريخية المختلفة لظهور مركب العطفة واندثاره عند القبائل.