اهتمامًا بإلقاء الضوء على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في مكة المكرمة ومعالمها العمرانية والثقافية، قام مركز تاريخ مكة المكرمة التابع لدارة الملك عبدالعزيز بطباعة ونشر الكتاب الموسوم بـ (التحفة السنية في الحوادث المكية) لأحمد بن أمين بيت المال، الذي قام بتحقيقه حسام بن عبدالعزيز مكاوي، وذلك بناء على رسالة المركز وسعيه الدؤوب لإثراء المكتبة التاريخية لمكة المكرمة، ونشر المصادر التاريخية التي تساعد الباحثين والدارسين والمهتمين وتمدهم بما يلقي الضوء على تاريخ هذه المدينة المقدسة، ويسهم في المحافظة على تاريخها المجيد.
ويرصد الكتاب أهم الحوادث التي مرت بمكة المكرمة في المدة من 1279هـ إلى 1322هـ، فيسجل الوقائع السياسية، والمعارك الحربية التي دارت في عصره، والأوضاع الأمنية في غرب الجزيرة العربية، كما يوثق الحياة الاجتماعية، والعادات، والزواجات، والوفيات، والحرائق، والأوبئة التي اجتاحت مكة المكرمة، ويلقي كذلك الضوء على الحركة العلمية في عصره، والنشاطات الثقافية، ويدون أهم الأشعار، والأدباء والمثقفين في تلك الحقبة، ويتناول الجوانب الاقتصادية في مكة المكرمة، فيوثق ما فيها من عملات، ويوضح أسعارها، وحالات الأسواق وما يعتريها من رواج أو كساد، وأسعار أهم البضائع، كما يشير إلى بعض الطرق والأماكن والمعالم القديمة في المنطقة، معتمدًا على الوصف والمشاهدة.
محقق الكتاب؛ الأستاذ حسام بن عبدالعزيز مكاوي أشار إلى قصة الكتاب حيث يقول: "في أحد اللقاءات مع الدكتور عبدالله بن صالح شاووش -رحمه الله- عام 1422هـ كان يحدثني عن بعض الكتب المكية المفقودة، وكان من ضمنها تاريخ أحمد أمين بيت المال، ومن هنا بدأت أبحث عن الكتاب المفقود لأحضره كهدية يُسر بها الدكتور عبدالله، فبدأت في الاتصال بأسرة المؤلف، واتصلت بالأستاذ محمد بن أحمد بن أمين بن عبدالله أمين بيت المال، وأخبرني أن لديه نسخة مصورة من الكتاب، وفي إحدى المناسبات أعطاني الكتاب مصورًا على قرص حاسب آلي (CD)، بكامل صفحاته، ومن ذلك الوقت بدأت وبإلحاح المحب من الدكتور في قراءة الكتاب، وإعادة نسخه، ثم وجدت نفسي (أعيش مع الكتاب)، فبدأت في تحقيقه، فكان الفضل بعد الله في إخراج هذا الكتاب للدكتور عبدالله، والأستاذ محمد بيت المال، اللذين كانا على اتصال دائم بي طوال فترة عملي في الكتاب، وحتى اللحظة الأخيرة في إخراج هذا العمل، كما أمدني الأستاذ محمد سعيد مال، بجميع الوثائق والصكوك الخاصة بأسرة بيت المال، والتي أفادتني كثيرًا في ربط الأحداث، ومعرفة الكثير عن هذه الأسرة الكريمة".