مجلة الدارة تصدر عددًا ضم أبحاثًا علمية محكمة في التاريخ والعلوم الاجتماعية

أصدرت دارة الملك عبدالعزيز عددًا جديدًا من مجلتها العلمية المحكمة "الدارة"، والتي تهدف إلى نشر البحوث العلمية الأصيلة والمبتكرة في مجالات تاريخ المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية وجغرافيتهاوآدابها وآثارها الفكرية والعمرانية، ضمن رؤية تتمثل في تحقيق الريادة في النشر العلمي المتميز في المحتوى والمرجعية في المجالات المذكورة.

مقاهي الحجاز:
ونشرت الدارة العدد الثالث للسنة (47)، متضمنًا أربعة بحوث أجراها عدد من الأكاديميين والباحثين والمتخصصين، وكان عنوان البحث الأول من العدد: (دور مقاهي الحجاز في خدمة الحجاج منذ ظهورها حتى بداية القرن الرابع عشر الهجري "العشرين الميلادي")، وهو بحث للباحث الدكتور رضا أسعد شريف، حيث يشير في بحثه إلى الانتشار الموازي للمقاهي بالمواكبة مع انتشار شرب القهوة، ووجد فيها الحجاج مجموعة خدمات؛ من إعداد القهوة، والتزود بالماء، والطعام، والوقاية من وهج الشمس أو البرد الشديد، وأخذ قسط من الراحة نهارًا، والمبيت ليلًا، إضافة إلى رعاية دوابهم، وقد انتشرت تلك المقاهي في مدن الحجاز الرئيسة سواءً الساحلية كجدة وينبع وغيرها، أو المدن الداخلية وعلى رأسها مكة المكرمة والمدينة المنورة، أو على مفترق الطرق الرابطة بين المدن وقرب آبار المياه، لكن مع وجود فوارق نسبية بينها وبين مقاهي المدن، وكلها قدمت للحجاج خدمات عظيمة، لتأديتها مجموعة من الوظائف لكونها منشآت تجارية، وسكنية، وترفيهية، وثقافية في الوقت نفسه.

روايات سيف:
تلا ذلك بحث تحت عنوان: (سيف بن عمر في ميزان الرواية السريانية: فتح "تستر" أنموذجًا)، من إعداد الدكتور عوض بن عبدالله بن ناحي الأكاديمي في قسم اللغة العربية في كلية العلوم والآداب في جامعة نجران، تناول فيه بالدراسة فتح مدينة تستر في ضوء الروايتين الإسلامية والسريانية، في محاولة التأكد من أطروحة (هيو كيندي) التي رأى فيها أن حادثة الفتح هذه أنموذج لتقارب ما تقدمه التواريخ الإسلامية مقارنة بنظيرتها من مصادر الأمم المغلوبة تجاه الفتوحات الإسلامية، وتنطلق الدراسة من رواية سيف بن عمر في فتح "تستر"؛ لتقديم قراءة نقدية مقارنة، وكشف منهجية سيف في الرواية التاريخية، وقيمة مروياته بين العلماء المسلمين قديمًا ودراسات الباحثين حديثًا، وتطرقت إلى عناصر فتحت "تستر" الرئيسة كما رواها سيف مقارنة لها بمصادر إسلامية أخرى، وتتمثل في أسباب فتح المدينة، ومدة حصارها، وكيفية اقتحامها، وهوية القادة العسكريين، ثم مصير من كان بها من سكان وقادة، يلي ذلك قراءة مقارنة للصريدية الإسلامية بما ورد في مصدر تاريخي سرياني محلي لكشف أوجه التشابه والاختلاف.

العلاقات مع هولندا:
استعرض العدد بعد ذلك البحث الموسوم بـ (العلاقات السعودية الهولندية 1343-1351هـ / 1924-1932هـ)، من إعداد الدكتورة دلال بنت محمد السعيد، من قسم التاريخ والآثار بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة جدة، حيث تطرقت في بحثها إلى موضوع العلاقات التي ربطت بين البلدين في المدة التي تبدأ من دخول الملك عبدالعزيز مكة المكرمة وبدء التواصل مع مملكة هولندا عن طريق قنصليتها في جدة، ويرمي البحث إلى إبراز جانب مهم للجذور التاريخية لعلاقات المملكة الدبلوماسية مع الدول الصديقة المبنية على الاحترام وتبادل المنافع والمصالح المشتركة، وإلى توضيح سياسة الدولة السعودية في التعامل مع القوى الخارجية المنبثقة من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف القائم على التعايش الحضاري والوسطية والتسامح، وقد اعتمد البحث ضمن مصادره على وثائق تنشر لأول مرة، وهي مراسلات وتقارير من مسؤولي القصلية الهولندية إلى حكومتهم في هولندا.

اختصار الميلادي:
أما البحث الرابع والأخير من العدد فهو بعنوان: (الاختصارات المستخدمة في الإشارة إلى السنوات الميلادية في اللغة الإنجليزية)؛ للأستاذ الدكتور ريتشارد توماس مورتيل، من معهد الأمير نايف للبحوث والخدمات الاستشارية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث تناول بالدراسة تلك الاختصارات الدالة على السنة الميلادية في الكتابة الإنجليزية، فيشير إلى ما شاع في استعمال بعض الكتاب المسلمين عند كتابتهم باللغة الإنجليزية، مثل الاختصار (AD) المأخوذ من الكلمتين (Anno Domini) والمرتبط ارتباطًا وثيقًا بمعتقد الثالوث في الديانة المسيحية، والاختصار (G) المأخوذ من الكلمة (Gergorian) التي تشير إلى التقويم الشمسي المنسوب إلى زعيم الكنيسة الكاثوليكية الرومانية البابا غريغوريوس الثالث عشر، ولم تتبن هذا الاختصار جميع الكنائس المسيحية إلا لاحقًا، علاوة على أنه لا يُعرف لدى أصحاب اللغة الإنجليزية. وتخلُص الدراسة إلى اختصار بديل وهو الرمز (CE) الذي تحوَّل العالم المسيحية نفسه إلى استعماله، وهو مأخوذ من عبارة العصر المشترك (Common Era)، وأنه سيكون مقبولًا لدى المسلمين دون تحفظ.