إصدر جديد يبرز اهتمام آل سعود بالعلم من خلال تقييداتهم على المخطوطات

تقييم المستخدم: 1 / 5

تفعيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجومتعطيل النجوم
 

في سعيها نحو إلقاء الضوء على الحياة العلمية والثقافية في المملكة العربية السعودية في عصورها المبكرة وصولًا إلى عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ولإبراز الجهود العلمية التي بذلتها أسرة آل سعود في خدمة العلم والعلماء وحفظ فضلهم، أصدرت دارة الملك عبدالعزيز الكتاب الموسوم بـ (تقييدات آل سعود على المخطوطات الأصلية في المكتبات الحكومية السعودية 1157-1373هـ / 1744-1953م)، الذي عكف على تأليفه كل من عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل الشيخ و وليد بن محمد البشر وهو الإصدار الرابع بعد الأربعمئة ضمن إصدارات الدارة ذات الطابع العلمي المرتبط بالعديد من المجالات، ومنها مجال المخطوطات المحلية.

ويدرس الكتاب جانبًا من عناية تلك الأسرة الكريمة بالعلم والمعرفة، وركز دراسته في تقييدات عدد من أفرادها على (226) مخطوطًا، أقدمها للإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود –رحمه الله- (ت 1218هـ)، وكان من ضمنها مخطوطات كتب بعضها في القرن الخامس الهجري، والثامن الهجري، وصولًا إلى القرن الرابع عشر الهجري، تناولت عددًا من الموضوعات المختلفة، كالتفسير والفقه والحديث والتاريخ، وغيرها من الكتب العلمية المتنوعة.

مقدمة الكتاب استعرضت الواقع العلمي للمنطقة قبل ظهور الدولة السعودية، التي بدأ معها نشاط علمي متزايد أولته جُل عنايتها على مدى أطوارها التاريخية، ومن ذلك العناية بالمخطوطات، شراءً وقراءةً وإهداءً وإعارة وكتابة ووقفًا، والاهتمام بالنساخين واحتياجاتهم من أقلام وأوراق ومحابر، إضافة إلى مرتباتهم، ويظهر ذلك جليًّا في تقييداتهم على المخطوطات، وتشير المقدمة إلى منهج البحث الذي اتبعه الباحثان في دراستهما وهو المنهج الوثائقي مع بيان إجراءاته المتبعة، كما توضح المصطلحات التي ترد في الدراسة، كما تطرقت للدرسات السابقة التي تناولت جوانب من الموضوع.

وقسَّم الباحثان الكتاب إلى قسمين، القسم الأول هو الدراسة، أما القسم الثاني فهو نصوص التقييدات، وتفرع من الدراسة مبحثان، تطرق المبحث الأول إلى عناية آل سعود بالمخطوطات ودراسة تاريخية للمخطوطات محل البحث، فيما عني المبحث الثاني بتقديم دراسة إحصائية للتقييدات وما تميزت به المخطوطات.

وعند الرجوع إلى المبحث الأول من الدراسة يتعرف القارئ على عناية آل سعود بالمخطوطات من حيث العناية بالعلم والعلماء، وإشارة بعض أئِمَّتها وأمرائها بتأليف الكتب، واستكتابهم للمخطوطات ذاكرًا أسماء عدد من النسَّاخ في تلك المدة، كما يلقي الضوء على دور زوجات الأئمة من آل سعود في تملك ووقف المخطوطات، مع الإشارة إلى العلوم التي حظيت باهتمامهم وهي العلوم الدينية والتاريخ والتراجم والأنساب.

ثم ينتقل المبحث إلى دراسة تاريخية للمخطوطات محل البحث حيث قسمها الباحثان إلى مخطوطات دُوِّن عليها تاريخ النسخ والتي يعود تاريخ كتابة ما يقرب من نصفها إلى عهد الدولة السعودية الثانية، أما القسم الثاني فقد خُصص للمخطوطات التي لا تحمل تاريخ نسخ لها، وقسمت إلى ثلاث مجموعات مرتبة حسب قِدم تواريخ التملكات المدونة عليها.

أما مبحث الدراسة الثاني فقد تضمن دراسة إحصائية للتقييدات وما تميزت به المخطوطات، وذلك على شكل جداول وإحصائيات بيانية، فيبدأ بذكر عدد المخطوطات البالغة (226) مخطوطًا، ثم ينتقل إلى توزيع التقييدات التي جاءت على (21) علمًا، وكان للإمام عبدالله بن فيصل بن تركي أكبر عدد من تلك التقييدات حيث بلغت تقييداته (75) تقييدًا، ويورد المبحث العلوم التي تطرقت لها المخطوطات وهي الحديث والفقه والعقيدة والأخلاق والرقائق والتاريخ والتراجم والأنساب والسيرة النبوية وعلوم القرآن واللغة والشعر والأدب، ثم يستعرض تقييدات الأعلام المتصدرين في كل علم، والمخطوطات المتصدرة، ونساخ المخطوطات، والمؤلفين المتصدرين، والمكتبات السعودية التي تحتوي على المخطوطات محل الدراسة، وأنواع التقييدات التي تنوعت بين الوقف، والتملك، والإشارة بجمع المخطوط وطباعته، والاستكتاب، والوقف على يده، والإعارة، والقراءة، والوديعة، لينتقل بعد ذلك إلى صيغة الوقف، ثم إلى أبرز ناسخي التقييدات، وأبرز الشهود عليها، كما يشير إلى الوقفيات والتملكات من غير أسرة آل سعود، ثم يشرع الباحثان بعد ذلك في دراسة بعض التقييدات، والحواشي والتعليقات، والإجازات.

وفي القسم الثاني من الكتاب سيكون التركيز منصبًّا على دراسة نصوص التقييدات، مبتدئًا بتقييدات الأئمة والملوك والأمراء الذين بلغوا خمسة عشر علمًا، ثم تقييدات الأميرات اللواتي بلغ عددهن ستة أميرات، حيث خصص لكل مخطوط صفحتين متقابلتين تحتوي الصفحة اليمنى على جدول يضم عنوان المخطوطة، ومؤلفها، وناسخها، وتاريخ النسخ، وعدد الأوراق، ومكان الحفظ ورقمه، والفن الذي تندرج المخطوطة في مجاله، ونوع التقييد ونصه، مع وصف موجز للمخطوطة، أما الصفحة اليسرى فتضم صورة ملونة للصفحة التي ورد فيها التقييد.

وينتهي الكتاب بخاتمة أورد فيها الباحثان أبرز النتائج التي توصلا إليها لدى تأليفهما الكتاب، يُذكر منها رأيهما في أن إبراز هذه التقييدات سيستفاد منها في الدراسات الخاصة بتاريخ المملكة العربية السعودية، يضاف إلى ذلك أنها تعطي دلالات واضحة على النواحي العلمية والثقافية التي سادت منذ قيام الدولة السعودية الأولى، وتفتح الباب أمام الباحثين لدراسة هذه النواحي بشكل أكثر تفصيلًا.