ويتضمن الكتاب الذي جاء في (151) صحفة أيضًا وصفًا لرحلته إلى حائل عام 1314هـ ورحلته إلى الرياض عام 1328هـ، ثم رحلته الأخيرة إلى عنيزة عام 1342هـ، حيث ودع الوشم وبلدة أشيقر مسقط رأسه وقرر أن يتخذ عنيزة مقرًّا له وذلك لعلاقته المتينة ببعض علمائها وأهلها، لتوافيه المنية في العام الذي يليه.
وبدأ الباحث كتابه بمقدمة ذكر فيها أن الكتاب عبارة عن دراسة موجزة جرى فيها رصد أبرز ما وقف عليه من رحلات الشيخ ابن عيسى، وأهمها رحلة الهند التي قيدها في مذكراته الشخصية، وسرد فيها رحلته إلى (بومبي) بأسلوب سهل مختصر يميل إلى العامية، وأشار الباحث المهنا إلى أنه قد حرص على إخراج تلك الرحلة والعناية بها لأهميتها، ولأنها لم تنشر من قبل، ولأن كتابة المذكرات لم تكن شائعة حينها، وكذلك وفاءً لعلمائنا الذين رحلوا في طلب العلم.
ثم مهَّد المؤلف لكتابه بمقالات عن أهمية الرحلة العلمية في التراث العلمي العربي والإسلامي وخصوصًا في الجزيرة العربية، كما شمل التمهيد مقالًا عن الطرق من نجد إلى الأحساء ثم إلى الهند، وبيان لأهم طرق القوافل القديمة من نجد إلى الأحساء كما في معجم اليمامة، وفي نهاية تمهيده سرد المؤلف قائمة بأوائل من رحل من نجد إلى الهند من العلماء.
وقسم الباحث مؤلَّفَه إلى قسمين، حوى القسم الأول منه التعريف بالشيخ ابن عيسى ورحلاته، حيث أورد ترجمة موجزة لابن عيسى المولود في بلدة أشيقر عام 1270هـ مشتملة على نسبه الذي يرجع إلى قبيلة بني زيد المستوطنة في وسط الجزيرة العربية، كما قدم ملخصًا لمكانته العلمية حيث برع في كثير من العلوم وألمَّ بالتاريخ الحديث والقديم والأنساب والبلدان والتراجم والمخطوطات، وتميز بالتحقيق والتوثيق حتى علت منزلته العلمية التي نال بها ثقة المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الذي طلب منه في عام 1336هـ كتابة ذيل على تاريخ ابن بشر، وأمره أن يبسط التأليف وأن يستقصي جميع الحوادث، فخرج إلى النور الكتاب المعروف بـ (عقد الدرر فيما وقع في نجد من الحوادث في آخر القرن الثالث عشر وأول الرابع عشر)، ثم عرَّف المؤلف بالرحلات التي قام بها ابن عيسى سواء كانت داخلية كرحلاته الكثيرة إلى مدن الوشم وسدير والقصيم والحجاز والأحساء وحائل والرياض؛ لطلب العلم والأخذ عن العلماء وملاقاتهم، أو كانت خارجية كرحلاته إلى الكويت والبحرين والعراق والأحواز وعُمان، وباكستان ثم بومبي بالهند.
كما خصص المؤلف في القسم الأول من كتابه وصفًا لمخطوطات رحلات الشيخ ابن عيسى، حيث قيَّد –رحمه الله- رحلته للهند والرحلتين الداخليتين إلى حائل والرياض، في مجموعه المعروف بـ (الكُنّاش).
أما القسم الثاني من الكتاب فقد عيَّنه المؤلف لذكر نصوص رحلات ابن عيسى وتقييداته، مبتدِئًا بنص رحلة الشيخ إبراهيم بن عيسى إلى الهند في عام 1323هـ، حيث حقَّقَ النص تحقيقًا علميًّا دقيقًا أتاح للقارئ مجالًا أوسع لفهم النص سواء من حيث التعريف بالمواقع الجغرافية، أو الأعلام أو المصطلحات الشعبية الواردة فيه، كما أردف ذلك بجدول تحديد إقامة الشيخ في المدن التي مرَّ بها في الرحلة، وكذلك زوَّد الكتاب بخريطتين إيضاحيتين لمسار الرحلة، أتبعهما ببعض التقييدات التي كتبها الشيخ عن الرحلة والتي تمكن المؤلف من رصدها في بعض دفاتر الشيخ وأوراقه.
بعد ذلك نشر المؤلف نص رحلة ابن عيسى من شقراء إلى حائل، التي قام بها في عام 1314هـ، وقام بتحقيق مفصل لكامل نص الرحلة، مع خريطة لمسارها، ثم يواصل المؤلف غوصه في نصوص رحلات ابن عيسى مورِدًا نص رحلته إلى الرياض التي قام في عام 1328هـ، ونص رحلته إلى عنيزة في عام 1342هـ وهي الرحلة التي ودَّع فيها إقليم الوشم وبلدة أشيقر، وقرر أن يتخذ بلدة عنيزة مسكنًا دائمًا له ولذريته، واتبع المؤلف أسلوبه نفسه في تحقيق النصوص وإيراد الخرائط.
وفي خاتمة كتابه أورد المؤلف يوسف المهنا ملحقًا يتضمن صورًا للوثائق التي استعان بها في تأليف هذا الكتاب الذي يعد بلا شك إضافة متميزة للكتابات التاريخية عن وسط الجزيرة العربية.