عددا "الدارة" الجديدان...تسعة بحوث في التاريخ والآثار ومصادرهما

 

قصر فهد بن سعود 

وفي العدد الأول نشرت (الدارة) أربعة بحوث علمية؛ أولها بحث للأستاذ الدكتور جمال شفيق عليان من كلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود بعنوان (صياغة تاريخ قصر فهد بن سعود في الدرعية وتحليل مكوناته باستخدام الدلائل المعمارية) وهو عبارة عن دراسة تحليلية لمكونات القصر العائد إلى أخي الإمام عبدالله بن سعود آخر أئمة الدولة السعودية الأولى، بهدف استقراء ما تبقى عليه من دلائل لتحديد أجزائه وعناصره المعمارية والإنشائية المفقودة التي تقود إلى تحديد شكل القصر وتكوينه الفراغي المعماري زمن بنائه ومراحل تطور التراكمات المعمارية اللاحقة فيه التي تسبق أي أعمال للترميم والصيانة وإعادة التأهيل، والتي من المفترض أن تقود عملية الحفاظ المعماري عليه.

 

أما البحث الثاني فهو عن (قلعة الفرع الأثرية: دراسة وصفية تحليلية) للدكتورة رحمة بنت عواد السناني من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طيبة، وهو دراسة للقلعة القديمة التي يعود تاريخها إلى حقبة ما قبل الميلاد، وتقع في قرية الفرع غرب محافظة العيص على طريق التجارة القديم المتجه إلى الشام والمسمى بطريق مأرب البتراء في العهد القديم، وعملت الدراسة على معرفة تاريخ بناء القلعة، واختيار موقعها، والدافع لبنائها، وخصائصها المعمارية، والآثار التي عُثر عليها بداخلها، وقريبًا منها، وصلتها ببعض المنشآت المعمارية القريبة منها، والحضارة التي بنتها.

 

استنطاق مخطوط

ونُشر في العدد بحث للأستاذ إبراهيم بن سعد الحقيل من إدارة التعليم بالمجمعة بعنوان (الفهرس الثاني لمكتبة الشيخ عبدالرحمن بن عبيد) وهو دراسة وصفية لنص فهرس مخطوط محفوظ في الدارة، شملت خطه ولغته وأسلوبه والمنهج المتبع في كتابته، مع تحليل لمحتويات الفهرس بتعداد ما ورد فيه من عناوين كتب وذكر فنونها، وبقراءة مضمون الفهرس للتوصل إلى كاتبه وصاحب المكتبة المفهرسة، ثم أُتبعت الدراسة بتحقيق لهذا النص والتعليق عليه وشرح ما ورد فيه من عبارات وألفاظ، لا سيما أنه كتب بلغة أقرب إلى العامية، وهو يعطي صورة من صور الحراك العلمي الذي كان سائدًا في زمن كاتب الفهرس في إقليم نجد عمومًا وفي منطقة سدير على وجه الخصوص.

 

أما البحث الرابع والأخير في العدد فهو للدكتورة ريم بنت معيض الحربي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، بعنوان (وثيقتا وقف الأشرف خليل بن قلاوون: دراسة تاريخية)، ويتناول دراسة وثيقتين ترجعان إلى العصر المملوكي حفظهما مخطوط لم ينشر، وتتضمن الوثيقتان وقف الملك الأشرف خليل بن قلاوون الضِياع التي افتتحها في بلاد الشام على مصالح القبة العظمى التي أنشأها والده الملك المنصور قلاوون، وضِياعٌ أخرى على مدرسته وتربته المعروفة بالأشرفية بالقاهرة وعلى مستحقيها، وهما وثيقتان جديدتان لم يسبق دراستهما ونشرهما، جرى نشرها لأهميتهما في دراسة التاريخ الحضاري لحقبة مهمة من عصر المماليك.

الحج الممنوع

وتضمن العدد الثاني خمسة بحوث علمية محكمة، جاء البحث الأول للدكتور مخلد بن قبل الحريص من كلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بجامعة القصيم بعنوان (عبد العزيز بن حمود بن زيد: أعماله في عهد الملك عبد العزيز) حيث استعرض مسيرة حياة عبد العزيز بن زيد بذكر مشاركاته وأعماله ، حيث كان من أعيان حائل المقربين الذين يعتمد عليهم الأمراء، ثم ينتقل للحديث عن مبايعة ابن زيد للملك عبد العزيز بعد ضم حائل واختيار الملك له لشغل عدد من المهمات، لأجل شخصيته التفاوضية وجدارته، ثم تعيينه عضوًا في مجلس الشورى بعد نجاحه في المفاوضات مع إمارة شرق الأردن في مسألة تعديات القبائل، ثم معاونًا لقائمقام جدة ثم مفتشًا للحدود الشمالية، ثم قنصلًا في دمشق وبيروت، ثم سفيرًا فيهما بعد رفع التمثيل إلى سفارة حتى وفاته في عهد الملك سعود.

 

وجاء البحث الثاني تحت عنوان ظاهرة (الحج غير النظامي في الجزائر في الفترة الاستعمارية ۱۸۳۰- 1954م) للدكتور هواري قبايلي من جامعة وهران بالجزائر حيث تناول تلك الظاهرة، مشيرًا إلى تعلق الجزائريين بشعيرة الحج، ورغبتهم في السفر إلى الحجاز مهما كلفهم الأمر، وسعيهم الحثيث إلى أداء حجهم مع مخالفتهم الأنظمة والإجراءات التي أقرتها دولة الاحتلال  للحد من سفرهم والتضييق عليهم ومنعهم من الاختلاط بإخوانهم المسلمين خوفا على مصالحها، مستعرضًا طرائق الحج غير النظامي التي سلكها الحجاج المخالفون، والصعوبات التي واجهتهم والمعاناة التي تكبدوها في رحلاتهم، والتقارير التي تصف أحوالهم وما نالوه بسبب إصرارهم على الحج غير النظامي، معرجًا على القرارات المفروضة من دولة الاحتلال وأساليب الردع والجزاءات المتخذة بحقهم.

 

نوادر الفهرسة 

وتحت عنوان (الدعاية المناوئة لبريطانيا في الشارقة سنة 1359هـ/1940م) يأتي البحث الثالث الذي ركز فيه الأستاذ الدكتور خالد بن حمود السعدون من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة على دراسة طبيعة العلاقات السياسية بين بريطانيا ومستعمرتها الشارقة في الخليج العربي إبان الحرب العالمية الثانية، مستفيدًا من الوثائق والمراسلات التي كانت تحصل بين حكام الشارقة وبريطانيا أو بين المقيمية البريطانية في الخليج وحكامها، وتبرز هذه المراسلات قلق بريطانيا من التأييد العربي في الخليج لألمانيا عدوتها في الحرب، وسعيها لكسب ود الحكام لضمهم إلى صفِّها، وهو ما يدل على أهمية الموقف السياسي لحكام إمارات الخليج العربي في تلك الحقبة من الصراع العسكري.

 

أما البحث الرابع فجاء تحت عنوان (التعريف بمخطوطة "الغرام بأدلة الأحكام" للحافظ القطب الخيضري الشافعي 821-894هـ) للدكتور فهد بن عبدالله آل طالب من المحكمة العامة بالرياض، حيث عرف بنسختي المخطوطة، مستهلًّا بتعريف تضمن حياة المؤلف وشيوخه وتلامذته ومؤلفاته وتاريخ وفاته، ثم بدراسة وصفية لنسختي المخطوطة التي أكد الباحث صحة نسبتها إلى المؤلف بأدلة يستعرضها وقرائن يستنبطها من نص المخطوطة، ثم تطرق الباحث إلى أهم ميزات الكتاب والمآخذ عليه، وألحق في آخره فهرسًا لكُتب المخطوطة بتصنيفها الفقهي وأبوابها وعدد الأحاديث الواردة في كل منها.

 

فيما تناول البحث الأخير الذي كان بعنوان (من نوادر فهارس المكتبات الخاصة في نجد: فهرس مكتبة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخاصة)، للأستاذ عبد الله بن حمد العسكر من وزارة الصحة بالمملكة العربية السعودية  دراسة فهرس مكتبة خاصة يعد من نوادر الفهارس الخاصة في نجد وتحقيقه، وهو فهرس مكتبة الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن الخاصة، وتكمن أهميته لما يحويه من معلومات مهمة عن الحراك العلمي والثقافي في منطقته، بما أثبته من أسماء المؤلفين والناسخين والواقفين وطلبة العلم وغيرهم، وقد درس الباحث هذا الفهرس وحققه، وحاول التحقق من ناسخه ومحرره، مثبتًا في الحواشي معلومات الكتب المذكورة، مستعرضًا أهمية بعضها في التاريخ العلمي لوسط الجزيرة العربية.