لقد كان الوطن يوم السبت الماضي على موعد مع عدد من القرارات التنموية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، لدعم جهود التنمية والبناء التي تشهدها بلادنا الغالية، ولتسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030، وهي بحق خطوة للأمام نحو مستقبل زاهر لأبناء المملكة العربية السعودية، تعيش فيه الأجيال القادمة في نظام يضمن الاستمرار التنموي على قاعدة صلبة من القواعد والقوانين والتشريعات التي تم اتخاذها بناءً على متطلبات وتحديات الواقع مع الأخذ في عين الاعتبار التجارب السابقة والنظرة المستقبلية المبنية على دراسات مستفيضة.

وتعكس القرارات الملكية الأخيرة الحرص على مواكبة المستجدات والمتغيرات التي تظهر أمام صانع القرار، وتحتاج إلى اتخاذ قرار مناسب حيالها، سواءً على مستوى التنظيم الإداري أو الهيكلي أو البشري، والمتابع يلاحظ أنها جاءت لتغطية الحاجة إلى العمل المؤسساتي في بعض قطاعات التنمية التي فرضها التطور المطَّرد للمملكة العربية السعودية.


وجاء قرار إنشاء وزارة بإسم وزارة الثقافة تعبيراً عن ما يوليه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- للثقافة والمثقفين من اهتمام وعناية، وإعطاء هذا القطاع المهم وزارة مستقلة تستطيع أن تنهض به وتضع الحلول والتصورات والخطط لإبراز الوجه الثقافي للمملكة العربية السعودية في المحافل الإقليمية والعالمية، وبما يحقق التعريف بثقافتنا المستمدة في مجملها من ديننا الحنيف وعروبتنا التي نعتز بالانتماء إليها، وأود بهذه المناسبة تقديم التهنئة لسمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود على الثقة الملكية الغالية بتعيين سموه وزيراً للثقافة.


كما يأتي الأمر الملكي القاضي بإنشاء هيئة ملكية لمكة المكرمة والمشاعر المقدسة لمواكبة العمل المتواصل يومياً في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، ويعكس مدى الاهتمام البالغ الذي تحظى به من قبل ولاة الأمر في المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد -المغفور له بإذن الله- وحتى اليوم، فالمستوى العمراني والإنشاءي والسكاني الذي بلغته مكة المكرمة والمشاعر المقدسة جعل من الضروري تخصيص هيئة ملكية تعتني بمواصلة مسيرة التحديث والتطوير لتلك البقعة الغالية على جميع مسلمي العالم.


ومن ضمن الأوامر التي تؤكد على الاتجاه العام نحو العناية بهذا الوطن جاء الأمر بإنشاء مجلس للمحميات الملكية برئاسة سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-، مما سيمنح البيئة الطبيعية في بلادنا العناية التي تستحقها، ويحافظ على تلك المحميات من الأعمال الجائرة كالصيد والرعي، وكذلك يفتح الأفق أمام الاستثمار السياحي.


ومن أوامر الخير جاء الأمر الملكي بالموافقة على اقتراح سمو ولي العهد على إنشاء إدارة باسم (إدارة مشروع جدة التاريخية) ترتبط بوزارة الثقافة مع تخصيص ميزانية مستقلة لها، وهذا بلا شك يعبر بشكل واضح عن مدى العناية التي تحضى بها محافظة جدة من قبل خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله وسمو ولي عهده الأمين، كيف لا وهي بوابة الحرم المكي الشريف، والميناء الغربي الأكبر للمملكة العربية السعودية، والثغر الباسم لوطننا العزيز.


أسأل الله العلي القدير أن يبارك في تلك الخطوات التطويرية وأن تكون منطلقاً لمزيد من التقدم والرقي لهذا البلد العظيم، وأبارك لأصحاب السمو الأمراء والمعالي الوزراء ونوابهم ومساعديهم ومن جرى تعيينهم في مواقع قيادية على الثقة الملكية الغالية التي نالوها, سائلاً المولى عزوجل أن يديم علينا الأمن والاستقرار في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- وتحقيق توجيهات القيادة الرشيدة أيدها الله.